بحورُ الشِّعرِ تُقرِئُكمْ سَلامي ... وَ أَبْدَأُ باسم رَحمنٍ رحيمِ
وَ أَحْكي قِصَّتي معَ مَنْ هَوَيْتُ ... وَ أَشكو بُعْدَها و القلبُ هامِ
إذا نظَرَتْ أصابتْني بِسَهْمٍ ... فَكيفَ أَفِرُّ مِن رَشْقِ السِّهامِ
عروبةٌ اسمُها كانت و كانت ... و أما اليومَ تهجُرُني أمامي
يقالُ بأنَّها مِن أرضِ مِصْرَ ... و عاشَت عُمْرَها في أرضِ شامِ
و كان لها بتُونُسَ بيتُ صيفٍ ... تَمُرُّ عليه صيْفاً كلَّ عامِ
و كانتْ تعشقُ الأقصى و مكّة ... تَحُجُّ البيتَ في شهرٍ حرامِ
و كانت تجعلُ الأديانَ دِيناً ... تصلّي العيدَ في يومِ القِيامِ
و كُنّا إن تواعدْنا بِيوْمٍ ... بِحِمْصَ يكونُ في أبْها مَنامي
جعلْتُ لها منَ الأشعارِ بحْراً ... و قدْ سمَّيتُهُ بحرَ السَّلامِ
سلاماً يا عُروبتَنا سلاماً ... أَيُرْضيكِ الخضوعُ فلا تقومي ؟!
أَصِرْنا بعدَ مَجْمَعِنا شَتاتاً ... و تُهْنا في دَياجيرِ الظَّلامِ ؟!
أَخَلَّفْنا جنانَ الوَصْلِ بُوْراً ... و لُذْنا بالفِراقِ إلى جحيمِ ؟!
فَغزّةُ تشتَكي في كلِّ يومٍ ... و مَعْبَرُها يُسَدُّ على الدّوامِ
و في دِرْعا قتالٌ لا يَكِلُّ ... أَحُرٌّ جَيْشُها أَم للنِّظامِ ؟؟
و في بغدادَ سُنِّيٌّ و شِيْعي ... حُقِنَّا فُرْقةً حتى العِظامِ
كَفانا يا عُروبتَنا صَغاراً ... و عُودي و اجمَعي شمْلَ الغَرامِ
فَجاءَتْ تَعْتَلي يوماً جواداً ... و يرسُمُ وجهُها بعضَ ابتسامِ
و تُمسِكُ بينَ كَفَّيْها حُساماً ... يَنوءُ بِفارِسٍ فَذٍّ هُمَامِ
أَتـتْـني بعدَ غُربتِها تَقولُ ... تَفَهَّمْ ما جرى و اسمعْ كلامي
فقلْتُ معاتباً أَرَضِيْتِ هَجْري ... و عِشْتِ بغَيْبَتي عيْشَ الكِرامِ
فقالتْ لم يَكُن هَجْري بِمَلْكي ... و غِبْتُ لِجَمْعِ شيْءٍ مِنْ حُطامي
حُقِنَّا فتنةً حتى خضعْنا ... لدى نذْلٍ عُتُلٍّ أو زَنيمِ
تذكّرْ أنّ دُنْيانا تدورُ ... غداً سَنُغاثُ مِن بعدِ الصِّيامِ
غداً سنَقومُ صفّاً فاتحينَ ... نُرَنِّمُ "مَوْطني" أحلى الرَّنيمِ
و لن نخشى طُغاةً ظالمِينَ ... و سُمُّوا بالجَبَابِرَةِ العِظامِ
ستَزهو أرضُنا بالزّهرِ نصراً ... و يعلو بالسَّما صوتُ الحَمَامِ
و قبْلَ رحيلِها قُلْنا دُعاءً ... فَدَعْوةُ ربِّنا خيْرُ الكلامِ
أَجِبْ يا ربُّ مَن وَقَفَا بِبابِك ... و أَصْحِ العُرْبَ مِن بعدِ المنامِ
فَصِرْتُ بُعَيْدَ ما قاضَيْتُ هجْراً ... لها في وجهِ مَن عذَلوا أُحامي
و حينَ حضَنْتُها صَهَلَ الجَوادُ ... و قال مُفاخِراً صوْتُ الحُسامِ
تعيشُ عُروبَتي و الوصْلُ فينا ... و أَرْهَمَتِ السَّما بعضَ الرِّهامِ
فَتِلْكُمُ قِصَّتي في عشْقِ ريمٍ ... و أيُّ غزالة كانت كَريمي ؟!
سلاماً يا عُروبتَنا سلاماً ... يَطيبُ لنا الرَّدى أنْ لا تُضامي
غداً سنَقومُ صفّاً فاتِحينَ ... نُرَنِّمُ "مَوْطني" أحلى الرَّنيمِ