"سموها فلسطين"
يرتمي هو بين أحضانِ أمواج بحرِ وطنهِ المنفيِّ .... ينظرُ من شقٍ صغير في أسفل ذلك الجدار العنصري المهترئ ... فيرى عالم حَلِمَ دوماً برؤيته .... وتنزل دمعة على خده بسرعة منطاد هوائي فتهرع حواسه لتزيلها من على خده حتى يبقى على نهج قوته وعزيمته .... يدور في شوارع رام الله باحثا عن شيء لا يعرفه هو ... ينظر الى الشوارع .. الى الأطفال والرجال والنساء ... وبسرعة فجائية يلمح ظلاً بعيد فيهرع مسرعا لمنادتاه ... ينادي بأعلى صوته " أحمد .. أحمد ... ولك هادا ان اخوك ولك أحمد ...أحمد..." وما يلبث صوته ينخفض بوتيرة حزن معجون بألم البكاء والدموع .... فيجلس متكأ على احدى المحلات التجارية المغلقة بسبب الحداد الشامل على روح شهداء المخيم ..... يبدأ هو بالبكاء ...يبكي بأعلى صوته .. وكأن درب قوته قد خار ....وهو الذي كان يظن ان بكاء الرجل محرّم ... الان أدرك أن الرجل هو الذي يبكي .... يبكي على وطن ينزف .... على بيوت هدمت .... على صديق اعتقل ... يبكي على أخ استشهد برصاصة زائفة ...... لم يكن "هو" ليتصور يوما أن قدوته في الحياة سوف تفارق الحياة بهذه الطريقة ....لم يكن يحلم يوما أنه سيفقد أغلى ما يملك .... كيف سيفقد من علّمه المشي!! كيف سيفقد من زرع في نفسه الحب والأمل والعطاء !! كيف سيفقد من كان يتجادل معه في قضية الوطن المسلوب !! فأحمد كان أول المشاركين في أي حملة للمدافعة عن الوطن بعكسه "هو" الذي كان جلَّ اهتمامه السيارات و المباريات و المال ....... كانا دائما الجدال عن هذه المسألة، فكل واحدٍ منهما له رأيٌ يختلف تماماَ عن الاخر ... كان أحمد دائماً يقول له " ولك اصحى اصحى .. هاي أرضك وهادا شعبك وهادا وطنك ... امتى بدك تصحى وتكون جزء من هالقضية " .. وكان جوابه المعتاد " طيب بسيدر بسيدر بعدين بنحكي بالقضية ... بس لازم اعمل تصريح أروح على القدس أشوف صحابي ... " تعود ذكرياتهما معاً ... ويرجع شريط ماضيهما ... كان أخوان وأكثر .... كانا روحاً واحدة .... والان تهدّم كل شيء .... ذهب أحمد..... ذهب الان دون رجعة ... وبقي "هو" الان وحيدًا .... وحيداً على قارعة طريق مهشّم .... طريق يعلن الحداد الأسود على روح شهيد بطل ..... فإذ به يسمع أصوات مكبرين ومهللين ... أصوات زغاريت انتصار مميت ملطخ بدماء أبرياء .... يسمع زفة لأخيه الوحيد .... لكن خوفه من ملاقاة روحه منعته لدقائق لوداع أحمد ...لكنه استجمع رباطة جأشه .... لملم قوته المنثورة حول دموعه ..... حول دموع رجل .... ذهب و كبًر و هلل ...... ذهب وودعه ..... بكى ...وبكى على رأسه ... قبله قبلة الوداع الأخيرة .. ولف جسده بعلم مخضب بالدماء وكوفية سوداء ملطخةٌ بالبياض .... قالها بأعلى صوته ... " أمي .... سمو ابنتي فلسطين .... سموها فلسطين ... فاني ذاهب لألحق بأحمد .... فلا يمكن لأحدنا أن يعيش دون الآخر ...." ذهب الى معبر رام الله .... وبدأت مواجهات كل يوم ..... حجارة ... رصاص ... حجارة ... قنابل صوت .... وتكبيرات .... واذا برصاصة شقيقة للرصاصة الني قتلت أحمد ، تخترق جسده "هو"..... الوطن يتنفس .... شهيد "هو" .... يبتسم ........... الوطن يتنفس .... شهيد "هو" ...... يكبّر للمرة الأخيرة .... شهيد "هو" ....... ويقول " سموها فلسطين " ......والوطن لفظ أنفاسه الأخيرة ......
يرتمي هو بين أحضانِ أمواج بحرِ وطنهِ المنفيِّ .... ينظرُ من شقٍ صغير في أسفل ذلك الجدار العنصري المهترئ ... فيرى عالم حَلِمَ دوماً برؤيته .... وتنزل دمعة على خده بسرعة منطاد هوائي فتهرع حواسه لتزيلها من على خده حتى يبقى على نهج قوته وعزيمته .... يدور في شوارع رام الله باحثا عن شيء لا يعرفه هو ... ينظر الى الشوارع .. الى الأطفال والرجال والنساء ... وبسرعة فجائية يلمح ظلاً بعيد فيهرع مسرعا لمنادتاه ... ينادي بأعلى صوته " أحمد .. أحمد ... ولك هادا ان اخوك ولك أحمد ...أحمد..." وما يلبث صوته ينخفض بوتيرة حزن معجون بألم البكاء والدموع .... فيجلس متكأ على احدى المحلات التجارية المغلقة بسبب الحداد الشامل على روح شهداء المخيم ..... يبدأ هو بالبكاء ...يبكي بأعلى صوته .. وكأن درب قوته قد خار ....وهو الذي كان يظن ان بكاء الرجل محرّم ... الان أدرك أن الرجل هو الذي يبكي .... يبكي على وطن ينزف .... على بيوت هدمت .... على صديق اعتقل ... يبكي على أخ استشهد برصاصة زائفة ...... لم يكن "هو" ليتصور يوما أن قدوته في الحياة سوف تفارق الحياة بهذه الطريقة ....لم يكن يحلم يوما أنه سيفقد أغلى ما يملك .... كيف سيفقد من علّمه المشي!! كيف سيفقد من زرع في نفسه الحب والأمل والعطاء !! كيف سيفقد من كان يتجادل معه في قضية الوطن المسلوب !! فأحمد كان أول المشاركين في أي حملة للمدافعة عن الوطن بعكسه "هو" الذي كان جلَّ اهتمامه السيارات و المباريات و المال ....... كانا دائما الجدال عن هذه المسألة، فكل واحدٍ منهما له رأيٌ يختلف تماماَ عن الاخر ... كان أحمد دائماً يقول له " ولك اصحى اصحى .. هاي أرضك وهادا شعبك وهادا وطنك ... امتى بدك تصحى وتكون جزء من هالقضية " .. وكان جوابه المعتاد " طيب بسيدر بسيدر بعدين بنحكي بالقضية ... بس لازم اعمل تصريح أروح على القدس أشوف صحابي ... " تعود ذكرياتهما معاً ... ويرجع شريط ماضيهما ... كان أخوان وأكثر .... كانا روحاً واحدة .... والان تهدّم كل شيء .... ذهب أحمد..... ذهب الان دون رجعة ... وبقي "هو" الان وحيدًا .... وحيداً على قارعة طريق مهشّم .... طريق يعلن الحداد الأسود على روح شهيد بطل ..... فإذ به يسمع أصوات مكبرين ومهللين ... أصوات زغاريت انتصار مميت ملطخ بدماء أبرياء .... يسمع زفة لأخيه الوحيد .... لكن خوفه من ملاقاة روحه منعته لدقائق لوداع أحمد ...لكنه استجمع رباطة جأشه .... لملم قوته المنثورة حول دموعه ..... حول دموع رجل .... ذهب و كبًر و هلل ...... ذهب وودعه ..... بكى ...وبكى على رأسه ... قبله قبلة الوداع الأخيرة .. ولف جسده بعلم مخضب بالدماء وكوفية سوداء ملطخةٌ بالبياض .... قالها بأعلى صوته ... " أمي .... سمو ابنتي فلسطين .... سموها فلسطين ... فاني ذاهب لألحق بأحمد .... فلا يمكن لأحدنا أن يعيش دون الآخر ...." ذهب الى معبر رام الله .... وبدأت مواجهات كل يوم ..... حجارة ... رصاص ... حجارة ... قنابل صوت .... وتكبيرات .... واذا برصاصة شقيقة للرصاصة الني قتلت أحمد ، تخترق جسده "هو"..... الوطن يتنفس .... شهيد "هو" .... يبتسم ........... الوطن يتنفس .... شهيد "هو" ...... يكبّر للمرة الأخيرة .... شهيد "هو" ....... ويقول " سموها فلسطين " ......والوطن لفظ أنفاسه الأخيرة ......