دمعك أقوى
لا تكترث أبدا ، تخيل أنّ اللحظة لم تكن ، توهم أنك كنت تحلم.. وخبىء الذكرى لحين تكبر ، سيكون يوما جميلا حينها ، اعلم أن الشمس ستشرق من مشرقها كالعادة ، وسيشرق قلبك ، لا كأي عادة ، وسيخرق قانونا في الطب درسته ، اعلم أن الطب سيكذب في بعض الأحيان ؛ لأن خلايا قلبك في ذاك اليوم ستتجدد ! و ستحيا أخرى ، وستحمد ربك أخرى أيضا.. وستذكر لحظة إحساسك بأذينك ينقبض بشدة .. سيخرج وهج من جسدك ، ذاك لأنك أصبحت قويا جدا.. وستدمع عينك أيضا .. دمعك أصبح أقوى ؛ أكثر إخلاصا.. أجمل وأخف على خدّك .. فكن على يقين من الآن : أنّ الخبير ، أعلم منك بكل خير لك.. أعلم منك بكل خير لك.. وامسح دمعك .. أيتها الفريدة الحسناء ..أرجوك اقبلي منا العذر ..عذرنا هذا الذي نقدمه لك ويحفه ال خجل الكبير بعد ما لاقيته منّ
فقد عظمتنا فأنكرناك .. وحدتنا فهجرناك .. أخلصت لنا فخناك .. تشبثتِ بنا فألقيناك بلا مبالاة ، فيا ويحنا !! حاولت ترقيتنا فقلنا لك : اذهبي يا مسكينة ، فأي رقي هذا الذي يأتي من أمثالك الأثريين ؟؟ دمعت عيناك اللؤلؤيتان من قسوتنا ، لكن .. ما أعظم أملك !! فقد استطعت بصورة مدهشة صنع بحر رائع من تلك الدموع ، تملؤه الللآلئ والجواهر ، وقبضت بأيدينا لنوص فيه ، فرفض جلنّا حتى الوقوف أمامه ولو للحظات .. لكن من هم أذكى وأصحاب نظرة أوعى ،جنوا من تلك الجواهر النادرة الكثير الكثير ، وصنعوا منها حليا أصبحنا نحن نتنافس على اقتنائها وشكرهم على فضلهم علينا بذلك .. رغم كل ذلك لم تيأسي .. بل حاولت التقرب منّا بأي وسيلة ، فكانت أيدينا سرعان ما تغلق الأبواب في وجهك ، لكن عظمتك جعلتك ممن يلتمسون عذرا "لأبنائهم" ، فأقنعتِ نفسك أن الريح العاتية دفعت دفات تلك الأبواب بقوة رغما عن أصحابها ، وقادتك جرأتك إلى الاقتراب أكثر ، وكم كانت سعادتك غامرة حين وجدت ذلك الثقب "الصغير الكبير" ،وأنجبت السعادة لهفة دفعتك للنظر لرؤية حال أولئك الأبناء .. ويا له من حال !!! فقد وجدت غالبيتنا العظمى تندمج في صخبات الحياة التي تطمس الهوية يوما بعد يوم ، وساعة بعد ساعة.. وتحركت خلجات باطنك منبهة : يا الله .. لقد اختارني الحكيم لحمل شرف احتضان كتابه العظيم ..أفلا يتذكرونني عندما يتلونه ؟؟أم أنهم هجروه كما هجروني ؟!! التفت إلى زاوية أخرى .. وهناك لقاء بين شباب من دول عربية مختلفة ، يتحدثون ك بلهجته المحلية ، والفرق بينها كبير يفوق إمكانية الوصف !!! تألمت حينها جدا .. وقررت أن تكون آخر المحطات ، الشاشات الجامدة التي نرقد أمامها ساعات ، كان أحدنا يقرأ كاماتك ، لكنك صدمتِ بأن المكتوب ليس وليد الثمانية والعشرين حرفا .. بل كان شيئا مختلفا تماما .. تماما .. ومؤلما جدااا بكيت بحرقة .. وبكيت معك .. لأجلك .. ولأجلي ... . فواأسفاه حقا .. لماذا نخلع ثوبنا اللاشبيه له ونرتدي ثيابهم ؟ لماذا لا نكون لمتأثرين أكثلر من كوننا المتأثرين ؟ لماذا لا نكون من يُتبَع لا من يتبِع ؟ فإننا لو تمسكنا ببطلتنا الحسناء لأجبرنا العالم على احترامها .. بل .. واستخدامها .. فهيّا لننصرها .. أو .. لننصر أنفسنا بها .. بعد الاعتذار بشرى النبابتة . -ألم تنم الليل؟
--لا لم أنمه! -ما الذي أرّقك؟ --لم يؤرقني شيء ؛ كنتُ مشغولا بسردِ حكايتي لِ رب العباد ، -لكنّه يعرف كل شيء ، --و رغم ذلك أنصت لي ، تخيّل ! قلت يا رب ، سمعني فقلتها كثيرا ؛ ولم أنم إلا عندما أنزل السكينة على قلبي ، شعرت أنني لم أنم قبل هذه المرّة ! وتأكدت ، أنّه حقّا أقرب إلي ، أقرب إليّ من حبل الوريد .. أقرب كثيراً .. بقلمي ، إيمان أحمد. حين كنت بحاجة البعض ولم يقدّروا تلك الحاجة،كان الله معك .. ~ أحيا الرّوح فيك ، فعرفت أنك بحاجة لنفسك ولا شيء لا شيء إلا نفسك، ولِ تلك الكلمات التي ترددها في كل حين لتحافظ على رقّة الروح وقوّتها التي وهبك الله إياها .. ! حين كنت تطرق أبواب القلوب لتحتويك ، كنت بحاجة للاحتواء بشدّة في ذلك الحين .. وجدت نفسك تحتوي نفسك وتخفف عنها مُصابها ، وجدت أنك أكثر قدرة من غيرك على احتواء ذاتك .. لأنك بكل بساطة تعرف نفسك أكثر .. يا صديق ، أظنك في ذلك الوقت فهمت أننا نحتاج أنفسنا فقط ؛ لأنها الوحيدة التي شعرت بما مررنا به ، لأنها تعلم جيّدا كم تعبنا ، وكم تعبنا وكم تعبنا ، في تلك اللحظات ، أيا كانت .. لحظات ضعف أو ضياع أو حتى جفاء .. لا أحد أبدا استطاع أن يتخيّل مقدار الحب الذي كنت ننتظر ، مقدار الدفء الذي كنت نحتاج ، تلك الكلمات التي ترفع الهمّة عااااليا عاليا ! ، لكنّك كنت أقوى ، كنت أقوى كثيرا ! .. لن تنتظر أحدا ليشعر بما شعرت به ، أو أن يتخيل ما مررت به أصلا ،أو أن تنتظر أحدا ليقوم بما انت قادر على القيام به .. ليقوم بإيقاظك من غفلتك ! أو انتشالك من ضياعك ! .. لا تنتظر أحدا فربما لا أحد سيفهمك .. وإن كان فلا أحد سيخرجك من الحالة التي استولت عليك إلا أنت ! ف يكفيك يا صديقُ أن القوة تنبع من داخلك يكفيك حقا أنك عرفت من أنت ،وكنت أنت! ، وتعرف تعرف ماذا تريد وما الذي تحتاج .. يكفيك يا صديقي ذلك الصوت الذي أصبح في كل حين وفي كل لحظة ضعف أو تعب يتردد في أذنك : "مش بحاجة حدا غير حالك ، حالك وبس ! ".. وفي كل يوم قبل أن تتلو آية الكرسي وأنت في فراشك اسأل نفسك التي تعرف الحقيقة وراء كل اللحظات التي مررت بها : "هل أنتِ أنتِ التي كنتِ ؟" وأجِبها بالنفي : " لا لا ، بل أنتِ أنتِ التي صرتِ" ، وكن صادقا جدا ؛ لأنك تحتاج نفسك ، تحتاجها جدا ! مَن ملاك؟؟ ساقتني الاقدار الى هنا؛ فوجدت نفسي بين حنايا إحدى بيئات هذه المعمورة،أتكىء على صخرة عظيمة شامخة ، وعلى مد بصري بحر جميل يتزين برداء أرجواني لامع حاكته أشعة الشمس الخجلة ، فاصفراء تبدو وكأنها تلوح بيدها لتقول : وداعا ، ألقاكم غداً إن شاء الله ... أما الرداء الأرجواني ، فيضم بحراً هادئاً .. ساكناً .. خاملاً .. وربما خامداً .. وفي ظل هذا الصمت الباهر، مر بي نسيم عليل صافح أذنيّ هامساً فيهما : لا يغركِ هذا السكون فربما يكون ستاراً تقطن خلفه مآسٍ واوجاع وهموم ... أوقع كلامه وقعا غريباً في نفسي ، ولا أدري أقدماي تحركت وحدها ، ام بعِثت داخلي رغبة انجبت هذه الحركة ؟؟؟ .. مهما كان الامر ، ها أنا أسر على الشاطىء وأقترب من الغامض رويداً رويدا ، لكنني توقفت فجأة ، ادهشني حال تلك الطفلة... طفلة في عمر الزهور ، أو دعوني أقول الزهور في عمرها لكي أكون أكثر عدلاً ، ينسدل شعرها الذهبي على كتفيها الرقيقين ، وترتكز يداها المكتوفتان على ركبتيها المتلاصقتين ، ويرقد جبينها على يديها الناصعتين .. رغم دهشتي... اقتربت منها .. جلست بجانبها فلم تعرني اهتماماً ، أو ربما لم تشعر بي .. أخذتُ احرك الرمال بيدي ، وقدماي تلاعب المياه أملاً بلفت انتباهها ، فلم أحظَ بذلك ... عدها أيقنتُ انها تعيشُ في عالم اخر تلفه ظروف خاصة... وضعت يدي على كتفها وقلت: البحر جميل، أليس كذلك يا حبيبتي ؟؟؟ رفعت رأسها ، فوقع نظري على عينين زرقاوتين كحبات اللؤلؤ ، لكن الدموع تذبلهما ، وتخط مجارٍ على وجنتيها الصافيتين ... تجاوزتُ المنظر وسألتها : ما اسمك؟؟ ــ ملاك ــ صدق من سمّاكِ ما بكِ يا احلى ملاك ؟؟ .. لم تجب ؛ فزاد اصراري على معرفة حكايتها ، قلت: إن باستطاعة شفتيكي صنع ابتسامة فريدة ، فما الذي يغيبها ؟؟ عندها .. وقفت ، غطت وجهها بكفيها ، والتفتت وأخذت تركض مبتعدة عن الشاطئ ، انتفضت وناديتها : ملاك , ملاك ، حبيبتي ، تعالي ... وبعد برهة ، أخذها الظلام فلم أعد أستطيع رؤيتها ..أسرني الشرود وأخذ خيالي ينتج ويخرج احتمالات وتوقعات عن حكاية ملاك ... لم يقطع شرودي سوى هدير الماء ، فقد تحرك الغامض أخيرا ، التفت إليه ، فإذا بموجة تتقدم خطوة نحو الشاطئ وترجع أخرى .. لكن ها قد زارت الشاطئ أخيرا ، وبسرعة عادت إلى عباب البحر ، وقد خطت على الرمال اسم " ملاك " .. تملكني عجب أكبر ..ثم .. ناداني صوت من أعماقي أن قد حانت الفرصة والأقدار تتهيأ لمعرفة ما تودين .. هيا .. نظرت إلى البحر .. فإذا بالموجة تبدأ بالتلاشي ، ناديتها : أرجوك انتظري .. ــ ماذا تريدين ؟؟ ــ ما رأيك أن تنسامر قليلا ؟؟ ــ ممم موافقة .. ، علت من جديد وتقدمت نحوي ، بادرتها بالسلام وقلت : أصحيح أن موجات البحر تحمل قصص الناس وحكاياتهم ؟؟ ــ نعم وتحمل أفراحهم وأتراحهم ، ابتساماتهم ودموعهم ..ـــ وأنت ؟ أحكايتك ملاك ؟؟ ــ أنا موجة ملاك الملاك ، عنواني الألم ، طولي القلق ، وعرضي المعاناة ـــ لماذا ؟؟ ــ لأنني موجة ملاك ؟؟ ــ ما قصة ملاك ؟؟ ــ ملاك ، منذ زمن اعتدت ووالدي الكبير أن نتقبل ملاك برفقو والديها وأختها الصغرى نور ، اعتدنا على أصوات الحك وأثير السعادة ، على اللعب والسباقات ، على المشاحنات البريئة بين الشقيقتين ، على قلب أمهما ينبض بهما ويدي والدهما تحملانهما وكأنهما روحه وقلبه .. ــ إذن ، لم الحزن ؟؟ ــ ذات يوم ، فوجئت بمجيء الشقيتين وحدهما ، وكانت ملاك تقبض بيد نور بصورة مدهشة ، جلستا متلاصقتين وقد غاب الضحك واللعب , وزالت المشاحنات والسباقات ، عم السكون وخيم الهدوء ،، سألتهما : أين بابا وماما ؟؟أمطرت دموعهما دمعا ، ثم خلعت الكبرى ثوب الصمت وأخبرتني بالمأساة .. كانتا تلعبان بالحديقة كعادتهما .. سمعتا أصواتا فخافتا وعادتا إلى المنزل بسرعة ، المنزل الذي تحول فجأة إلى ألسنة حمراء ملتهبة ، علت سحب الدخان الأسود ، وتحول صوت سيارات الإسعاف والإطفاء الذي كانت نور تسمعه في برامج الكرتون لواقع ، واقع مؤلم .. سرق ماما وبابا وحولهما لجثث هامدة لا حياة فيهما .. ذهبا وذهب معهما كل شيء سوى شريط من الذكريات التي باتت مؤلمة قاتلة .. اغرورقت عيناي بالدمع ،، وسألت الموجة ملهفة ؟ وأين نور ؟؟ ــ نوور ، خطفها شبح فتاك من أمام عيني ملاك ، شيء اسمه " ثرطان " كما قالت لي ملاك .. وقد تحول مكان نور إلى فراغ مظلم زاد حياة ملاك خوفا وفزعا .. فبقيت ملاك تائهة حائرة ، تزورنا كل يوم .. ربما آملة بإيجاد أحدهم ، أو راغبة باللحاق بهم .. عادت الموجة أدراجها إلى البحر واندمجت فيه .. أما أنا فاستولت علي الصدمة ، ولم أوعَ إلا على صوت أختي الصغرى "أمل " وهي تهز كتفي وتقول : هيا استيقظي .. فتحت عيني ّ ، قالت : هيا هيا ، سنذهب للبحر اليوم .. قلت : وملاك ؟؟ فأجابتني : مَن ملاك ؟؟؟ بقلمي : بشرى النبابته بحورُ الشِّعرِ تُقرِئُكمْ سَلامي ... وَ أَبْدَأُ باسم رَحمنٍ رحيمِ وَ أَحْكي قِصَّتي معَ مَنْ هَوَيْتُ ... وَ أَشكو بُعْدَها و القلبُ هامِ إذا نظَرَتْ أصابتْني بِسَهْمٍ ... فَكيفَ أَفِرُّ مِن رَشْقِ السِّهامِ عروبةٌ اسمُها كانت و كانت ... و أما اليومَ تهجُرُني أمامي يقالُ بأنَّها مِن أرضِ مِصْرَ ... و عاشَت عُمْرَها في أرضِ شامِ و كان لها بتُونُسَ بيتُ صيفٍ ... تَمُرُّ عليه صيْفاً كلَّ عامِ و كانتْ تعشقُ الأقصى و مكّة ... تَحُجُّ البيتَ في شهرٍ حرامِ و كانت تجعلُ الأديانَ دِيناً ... تصلّي العيدَ في يومِ القِيامِ و كُنّا إن تواعدْنا بِيوْمٍ ... بِحِمْصَ يكونُ في أبْها مَنامي جعلْتُ لها منَ الأشعارِ بحْراً ... و قدْ سمَّيتُهُ بحرَ السَّلامِ سلاماً يا عُروبتَنا سلاماً ... أَيُرْضيكِ الخضوعُ فلا تقومي ؟! أَصِرْنا بعدَ مَجْمَعِنا شَتاتاً ... و تُهْنا في دَياجيرِ الظَّلامِ ؟! أَخَلَّفْنا جنانَ الوَصْلِ بُوْراً ... و لُذْنا بالفِراقِ إلى جحيمِ ؟! فَغزّةُ تشتَكي في كلِّ يومٍ ... و مَعْبَرُها يُسَدُّ على الدّوامِ و في دِرْعا قتالٌ لا يَكِلُّ ... أَحُرٌّ جَيْشُها أَم للنِّظامِ ؟؟ و في بغدادَ سُنِّيٌّ و شِيْعي ... حُقِنَّا فُرْقةً حتى العِظامِ كَفانا يا عُروبتَنا صَغاراً ... و عُودي و اجمَعي شمْلَ الغَرامِ فَجاءَتْ تَعْتَلي يوماً جواداً ... و يرسُمُ وجهُها بعضَ ابتسامِ و تُمسِكُ بينَ كَفَّيْها حُساماً ... يَنوءُ بِفارِسٍ فَذٍّ هُمَامِ أَتـتْـني بعدَ غُربتِها تَقولُ ... تَفَهَّمْ ما جرى و اسمعْ كلامي فقلْتُ معاتباً أَرَضِيْتِ هَجْري ... و عِشْتِ بغَيْبَتي عيْشَ الكِرامِ فقالتْ لم يَكُن هَجْري بِمَلْكي ... و غِبْتُ لِجَمْعِ شيْءٍ مِنْ حُطامي حُقِنَّا فتنةً حتى خضعْنا ... لدى نذْلٍ عُتُلٍّ أو زَنيمِ تذكّرْ أنّ دُنْيانا تدورُ ... غداً سَنُغاثُ مِن بعدِ الصِّيامِ غداً سنَقومُ صفّاً فاتحينَ ... نُرَنِّمُ "مَوْطني" أحلى الرَّنيمِ و لن نخشى طُغاةً ظالمِينَ ... و سُمُّوا بالجَبَابِرَةِ العِظامِ ستَزهو أرضُنا بالزّهرِ نصراً ... و يعلو بالسَّما صوتُ الحَمَامِ و قبْلَ رحيلِها قُلْنا دُعاءً ... فَدَعْوةُ ربِّنا خيْرُ الكلامِ أَجِبْ يا ربُّ مَن وَقَفَا بِبابِك ... و أَصْحِ العُرْبَ مِن بعدِ المنامِ فَصِرْتُ بُعَيْدَ ما قاضَيْتُ هجْراً ... لها في وجهِ مَن عذَلوا أُحامي و حينَ حضَنْتُها صَهَلَ الجَوادُ ... و قال مُفاخِراً صوْتُ الحُسامِ تعيشُ عُروبَتي و الوصْلُ فينا ... و أَرْهَمَتِ السَّما بعضَ الرِّهامِ فَتِلْكُمُ قِصَّتي في عشْقِ ريمٍ ... و أيُّ غزالة كانت كَريمي ؟! سلاماً يا عُروبتَنا سلاماً ... يَطيبُ لنا الرَّدى أنْ لا تُضامي غداً سنَقومُ صفّاً فاتِحينَ ... نُرَنِّمُ "مَوْطني" أحلى الرَّنيمِ "سموها فلسطين" يرتمي هو بين أحضانِ أمواج بحرِ وطنهِ المنفيِّ .... ينظرُ من شقٍ صغير في أسفل ذلك الجدار العنصري المهترئ ... فيرى عالم حَلِمَ دوماً برؤيته .... وتنزل دمعة على خده بسرعة منطاد هوائي فتهرع حواسه لتزيلها من على خده حتى يبقى على نهج قوته وعزيمته .... يدور في شوارع رام الله باحثا عن شيء لا يعرفه هو ... ينظر الى الشوارع .. الى الأطفال والرجال والنساء ... وبسرعة فجائية يلمح ظلاً بعيد فيهرع مسرعا لمنادتاه ... ينادي بأعلى صوته " أحمد .. أحمد ... ولك هادا ان اخوك ولك أحمد ...أحمد..." وما يلبث صوته ينخفض بوتيرة حزن معجون بألم البكاء والدموع .... فيجلس متكأ على احدى المحلات التجارية المغلقة بسبب الحداد الشامل على روح شهداء المخيم ..... يبدأ هو بالبكاء ...يبكي بأعلى صوته .. وكأن درب قوته قد خار ....وهو الذي كان يظن ان بكاء الرجل محرّم ... الان أدرك أن الرجل هو الذي يبكي .... يبكي على وطن ينزف .... على بيوت هدمت .... على صديق اعتقل ... يبكي على أخ استشهد برصاصة زائفة ...... لم يكن "هو" ليتصور يوما أن قدوته في الحياة سوف تفارق الحياة بهذه الطريقة ....لم يكن يحلم يوما أنه سيفقد أغلى ما يملك .... كيف سيفقد من علّمه المشي!! كيف سيفقد من زرع في نفسه الحب والأمل والعطاء !! كيف سيفقد من كان يتجادل معه في قضية الوطن المسلوب !! فأحمد كان أول المشاركين في أي حملة للمدافعة عن الوطن بعكسه "هو" الذي كان جلَّ اهتمامه السيارات و المباريات و المال ....... كانا دائما الجدال عن هذه المسألة، فكل واحدٍ منهما له رأيٌ يختلف تماماَ عن الاخر ... كان أحمد دائماً يقول له " ولك اصحى اصحى .. هاي أرضك وهادا شعبك وهادا وطنك ... امتى بدك تصحى وتكون جزء من هالقضية " .. وكان جوابه المعتاد " طيب بسيدر بسيدر بعدين بنحكي بالقضية ... بس لازم اعمل تصريح أروح على القدس أشوف صحابي ... " تعود ذكرياتهما معاً ... ويرجع شريط ماضيهما ... كان أخوان وأكثر .... كانا روحاً واحدة .... والان تهدّم كل شيء .... ذهب أحمد..... ذهب الان دون رجعة ... وبقي "هو" الان وحيدًا .... وحيداً على قارعة طريق مهشّم .... طريق يعلن الحداد الأسود على روح شهيد بطل ..... فإذ به يسمع أصوات مكبرين ومهللين ... أصوات زغاريت انتصار مميت ملطخ بدماء أبرياء .... يسمع زفة لأخيه الوحيد .... لكن خوفه من ملاقاة روحه منعته لدقائق لوداع أحمد ...لكنه استجمع رباطة جأشه .... لملم قوته المنثورة حول دموعه ..... حول دموع رجل .... ذهب و كبًر و هلل ...... ذهب وودعه ..... بكى ...وبكى على رأسه ... قبله قبلة الوداع الأخيرة .. ولف جسده بعلم مخضب بالدماء وكوفية سوداء ملطخةٌ بالبياض .... قالها بأعلى صوته ... " أمي .... سمو ابنتي فلسطين .... سموها فلسطين ... فاني ذاهب لألحق بأحمد .... فلا يمكن لأحدنا أن يعيش دون الآخر ...." ذهب الى معبر رام الله .... وبدأت مواجهات كل يوم ..... حجارة ... رصاص ... حجارة ... قنابل صوت .... وتكبيرات .... واذا برصاصة شقيقة للرصاصة الني قتلت أحمد ، تخترق جسده "هو"..... الوطن يتنفس .... شهيد "هو" .... يبتسم ........... الوطن يتنفس .... شهيد "هو" ...... يكبّر للمرة الأخيرة .... شهيد "هو" ....... ويقول " سموها فلسطين " ......والوطن لفظ أنفاسه الأخيرة ...... |
What is this page?This is where we display our students' finest, most exquisite, one-of-a-kind talents: from poetry, to music, to paintings, you name it! If you feel you have a gift, don't be afraid to share it with our committee and we'll post it on this page for everyone to check out! |